تنويه:

هذه القصة القصيرة جداً تحتوي على جانبين (حقيقي-خيالي)،حقيقي في إبهام الشخصيات تحت مسميات خيالية ! تَظهر شخصياتهم بذكر أفعالهم الماضية “الاحداث الأولية”، و خيالي في سير سياق القصة ونهايتها .. وهي ليست سوى مخيلات أتت على ذهن المؤلف، لايقصد بها أيةُ إنتقاد أو فضح أو توضيح رؤيا، و طبعاً لكل قارئ رؤيته وفهمه الخاص للقصة القصيرة جداً فأرجو الاستمتاع بها.
محمد ابراهيم هارون(ابراهومه)

 مقدمة:

تقام أحداث القصة في (مكان ما) يسكنه قوم يدعوّن (السوطاليون)، و هو مكوّن من ثلاثة مدن يشقها نهر، و أسماء هذه المدن هي كالآتي: الجزيرة .. الضفة(المعنية) .. الضفة الأخرى، يحكمهم حاكم مستبد و متسلط -دكتاتوري- يُدعى (شوشو) ويمارس عليهم أسوأ أنواع الظلم الاستبداد ..
فهُم يسعون للتخلص منه ولكنهم لا يدرون كيف! و يناضلون بكل السبل المتيحة لهم لتحقيق ذلك ،ويعيشون المُرّ يومياً .. فلنتابع الأحداث ….

(مابينهما – و النزول الأول)

كان شوشو و تيتي صديقان وفيان .. وإتفقا على ان يعملا سوياً لتحقيق رغباتهما التي طالما انتظروها و بالخصوص تيتي، فهو العقل المدبر و واضع الخطط والمشاريع ويتبع سياسة (الغاية تبرر الوسيلة) .. اما شوشو فكان لايفقه شيئا غير انه قوي البنية و سليط اللسان و سريع الغضب .. فكان هاذان الأهوجان يعملان بكد و اجتهاد لمدة تجاوزت ال4 سنين و بعدها حققا هدفهما …
.. و لكن … كان الاجتهاد في الكذب والخداع و لذلك كانا كما اللصوص يشعران بالخوف في اي طارئ ويتخذون قرارات لم يكونا يعرفان في ذلك الوقت انها ستأتي لهما بنتاج سلبي بالمستقبل .. وكما ذكرنا سابقا كانا كما السارقين يتربصان لبعضهما، و يريد كل منهما أن تثقل كفة الآخر لكي ينسب اللؤم عليه .. حتى اتت تلك السانحة التي إغتنمها شوشو و اطاح بتيتي، الذي بدوره غضب غضباً شديداً لخيانة صديقه له قبل ان يقدم هو على خيانته نسبة لذكائه!!.
فبعد عشر سنوات من نجاحهما انفصلا تماما وقام تيتي بتكوين صحبة جديدة وكذلك شوشو … و مر الزمان حتى اصبح شوشو ليس سوى أهوج متخبط، و تيتي عجوز خرف، و الفرق الوحيد بينهما هو ان تيتي خلّف أبناء أذكياء من بعده؛ يدّعون الصدق و الاخوة و لكن في غرارة نفسهم هم مثل أبيهم.. فبعد تحليل علم البيولوجي قيل ان ال(DNA) للأطفال لا يختلف كثيرا عن الذي لتيتي …بمعنى انهم “تييتيات صغار”. فصار هؤلاء التيتيات يكوّنون صحبة مع الحابل و النابل، حتى مع خصومهم أولاد شوشو الملاعين .. و ذلك لسبب واحد؛ كونهم يعلمون انهم ان اتبعوا نفس خُطى ابيهم فسيقعون في نفس الفخ و لكنهم تعلموا من شوشو-من التجربة-.

وبينما كان التيتيات الصغار يمرحون ويتسكعون في ضفتهم “المعنية”، اتى شي من السماء و نزل من السقف حتى ظنوا ان أباهم تيتي انزله لهم ب”بركاته”.

(الخطورة – و الدعوة الجهرية)

تقرّب التيتيات من هذا الشئ العجيب و ظلوا يؤانسونه ويحكون له عن مراراتهم، و في بعض الاحيان يحرضونه .. حتى إحتار هذا الشيء من تصرفاتهم المريبة !! – فلنسمي هذا الشئ بال”الشيء” – فجلس معهم الشيء في ذلك اليوم حتى يجد مكانا يأوي إليه، حتى اتى الصباح و ذهب في حاله فظلوا يدعونه الى البقاء مدة أطول .. فشكرهم و أعتذر و قال لهم :”لقد بعثت لسبب ما، ولا أظن انه ان اجلس تحت مظلتكم ” .. فشكرهم مرة أخرى وذهب لحاله ..

و في الضفة الاخرى علم ابناء شوشو بما وجده التيتيات، فقد اعلمهم احد (التيتيات المشوشو مسبقاً) بأمر الشيء .. فتناوبهم الشك حول امر هذا الشيء، فكلما ينسون امره تأتيهم برقية من إخوتهم (المتربصين) بالشيء و يعلمهم خطورة هذا الشيء في بقائهم الابدي ..

و في الجزيرة عندما كان الشيء يدعو في “السوطاليين” للأنضمام اليه ويعلِمَهُم انهم لديهم حقوق يجب عليهم ان يسعوا لأستردادها، ظهر له من بين الجماهير احد وقال له:” يا أيها الشيء قيل انك أُرسلت من تيتي وانك تتبع نهجه” .. فرد الشئ:” لو كان هذا الحديث صحيح، فسوف ترى فيني إحدى سماته، او لكنت تراني ادعو الى نهجه ولكن دعوتي هى لكم ايها السوطاليون منكم و لكم و بكم، و بدونكم لا أكون (شيئاً)” .. ففرح السوطاليون وبايعوه في تلك الجزيرة .. وكان جوجو يراقب من بعيد وعلم ان هذا لهو الشئ الذي كان ينتظره منذ قرابة الستين عاما عجاف ..

(صديق جديد –و الموت الوشيك)

كان جوجو (الاول) في “السابق”من افضل المفكرين وأشرسهم؛ نظراً للظروف الموضوعية للحقبة التي كان فيها، و كانت لديه قاعدة سوطالية كبيرة، بحيث أثر على مجتمع السوطاليون في انتفاضتان سابقتان. و لكن لم يستمر ذلك بعد بزوغ تيتي للشارع السوطالي العام .. وتتبيع السوطاليون لصالحه بمشروع ” الاسطال السياسي”! الذي كانا يقودانه هو وشوشو -سابقاً- .. و حاليا ما يزال “جوجو (الرابع)” يتبع نهج مفكريه وليس آباءه كما يفعل التيتيات والشوشووات ..

أتى جوجو “الرابع” لل”الشيء” و حدثه قائلاً:”يا هذا .. انت تحمل في طياتك ما أحمله انا، و تدعو لجزء مما ادعو إليه، و لديك قاعدة سوطالية عريضة كانت لي في ما مضى .. ارى فيك الحق فلتواصل على نهجك هذا و لا تستسلم لليأس فأنا و مفكريّ الأوائل عشنا ستون عاماً ندعو لمثل هذا” ..
لم يعلم الشئ ما هي نية جوجو و لكنه كان حذراً جداً من ما يخفيه هذا الجوجو! ،فقال الشيء:” هذا هو نهجي و مبدأي وانا على الدرب سائر لا محالة، وهذا بعون الله و توفيقه” … فأبتسم جوجو بعد قول الشئ “بعون الله” و ودع الشئ و ذهب لحاله، كان يمشي مشية تغمرها الثقة والجراءة ونظراته للمستقبل العاجل و المليء بالامل .. نظر الشئ له و كان يتمعن في تصرفاته و لاحظ لأفراد يتبعونه و كتب على ظهورهم “انا تأمين شوشو” .. فأبتسم الشئ وذهب لمدينة اخرى ليخاطب بقية السوطاليين ..

وفي الضفة الاخرى قرر الشوشوات الصغار عمل اجتماع طارئ لمناقشة ماهية هذا الشيء الذي “انبثق” من العدم و وثب “وثبة” نحو القمة، فكان في كل مكان يمشيه يتبعه السوطاليون بإخلاص لدرجة الايمان الكامل .. فبعد ساعتان من المناقشات والاقتراحات “بوجود الشوشووات الكبار ” كان مخرجهم هو “إغتيال الشئ” .. فتم الاتصال بكتيبة تدعى “الأشوال”!

(الأسير)

إنتقل الشيء الى تلك الضفة (المعنية) حيث كان نزوله الاول -عند أرض التيتيات- و كان انتقاله هذا بمعنى التصالح و التعاضد و حسن النية و لكن ليس كل ما يتمناه المرء يحدث .. فقد كان التيتيات هم المُشيرين بفكرة إغتيال الشيء، فقد لمّح لها أحد الشوشوات (المتيتي) الذي أتته التعليمات من قادته، و فقد كانت خطورة الشيء أكبر من المتصورة ففكرته و زيادة متبعيه و مريديه في كل خطاب خلق نقلة نوعية في اطار الوعي بالنسبة للسوطاليون وهذا ما سيهدد بقاء “المدجنون” (التيتيات والشوشوات).

وصل الشيء لتلك الضفة و بمجرد ان وضع قدمه في اليابسة إستقبله فوج من التيتيات مرحباً به، فإحتار الشيء من هذا الترحيب المريب و لكن لا بأس فقد كان في نفسه حنين العودة للديار، و في وسط السلام و الترحاب وجه الشيء سؤالاً للامين الإسطالي للتيتيات و قال له:”يا أخي كيف علمتم بمجيئي وانا لم اخبر احدا بوجهتي؟!” .. عندها عصف الصمت كل من في المرسى من التيتيات .. و علت وجوههم الابتسامات الصفراء التي تخفي الإرتباك، فرد التيتي الاسطالي:”يا أخي و حبيبي الشيء حضورك لا يحتاج إلى خبر و نحن مازلنا على ذلك النهج القديم الذي عهدتنا به و نريد فقط ان يظل المبدأ الذي ….”-وكااان الهُراء- فناوب الشيء شعور بالحذر و قال في نفسه “أراكم مازلتم على سطحيتكم الدهماء” و ذهب معهم الى منزلهم المتواضع في طريق أكموجاك.

وفي الضفة الاخرى تحركت كتيبة الاشوال نحو الضفة (المعنية) ويحملون عتادهم علنا دون رهبة ويرددون جلالاتهم في الطريق، وكل همهم ان يأتو برأس الشيء بعد فشل كل المحاولات الدبلوماسية الفضفاضه جداً للكبت من نشاطه التوعوي الذي يرفضه شوشو ..

كان الشيء قد (أعلم) جوجو قبل مغادرته الجزيرة السوطالية أن يكونوا في حذر من خطر محدق قادم من الشوشوات، فقد اوحى للشيء احد الشوشوات الذي تم نبذه منهم بعد انضمامه ل”صوصو” تحت قياده “غازو”! الذي كان يريد قلب مواعين شوشو بآرائه( التيتية)!!، فمن غضب هذا (الشوشو المنبوذ) أدلى بمعلومات خطيرة للشيء الذي استفاد منها و طوعها لصالح السوطاليون عموماً، و لكنه لم يعلم انه كان المعني بأمر الكتيبة وليس السوطاليون، وان التيتيات مشاركون بكل مقدورهم المادي و الفكري وهو الان تحت قبضتهم الدبلوماسية التعسفية لا الاجبارية …. و في كل ثانية تقترب تلك الأفواج المدججة وتتعالى أصوات الجلالات.

(بداية النهاية)

كان جوجو يختلف تماما عن بقية انداده، بحيث يهوى السرية و الدوغمائية و لا يبوح كثيراً، و لكن له كلمة لا يسقطها و وعد يفي به! .. و بتدريب أسلافه له أمسى ركيز البنية و شديد الحذر و”استراتيجي التخطيط” لا يكل و لا يمل. فعندما أطلعه الشيء على امر الاشوال إستنتج كثيرا وخطط للمواجهة، و لكن –بعد اعادة تفكير- أدرك بأن الشيء هو المقصود؛ فهو محرك السوطاليون و قائدهم فبدونه لا يسعهم فعل شيء، و سقوط الحركة التوعوية مقترن بسقوطه، و بعده عن الجزيرة سيجعله لقمة سائغة في جوف الاشوال. نادى جوجو السوطاليون و حثّهم على الحرب .. فتسلحوا بأقوى الاسلحة –الشجاعة- و خططوا لكيفية المواجهة في الضفة (المعنية)، و كان التحرك ..فكلهم فداء لبقاء الشيء.

كره السوطاليون حياتهم السابقة التي كانت تحت ظل شوشو، فقد كانت عجاف و بؤس لهم، و فيها كان تردي اقتصادهم و انحراف مجتمعهم و ترديه؛ و الذي بدوره أدى لفقدانهم إنسانيتهم .. و لكن بقدوم الشيء و ارتجاله، كسروا ذلك الحاجز -جزئياً- فهو الواضع والمنظم و بدونه تكون الجدلية.

استيقظ الشيء عن غفوته في حضن التيتيات، الذين حافظوا على بقاءه-اسيراً- ريثما تأتي كتيبة الاشوال .. قال الشيء لهم:”شكراً لإستضافتكم لي ولكني استأذنكم من هنا لكي أبدأ خطابي للسوطاليون هنا” ،قالو له:”تفضل..! و لكن هلا تقبل بنا رُفقاءاً لك؟”. وافق الشيء على ذلك وذهبوا للشارع العام و هتف الشيء و ألتف حوله كل من في الضفة و أنصتوا له ايما إنصات فكان الايمان من الوهلة الأولى دون تردد دون تشكيك، فأصبحوا يرددون ورائه هتافه المفضل “أبــدأ..أبــدأ النـــضال..أبــدأ”، فزع التيتيات من إنحيازهم له و إستشاظوا غضباً الى أن صاح احدهم- كاشفا سترة النفاق- مستهزءاً:”افرح و افرحوا معه، فموته قريب على يد الاشوال”!! … صمت الجميع كأنما انعدم الصوت من الوجود، و ما كان بيد التيتيات إلا القبض على الشيء للإحالة دون هروبه، فتحركوا نحوه و مسكوه فإنقض السوطاليون عليهم و منعوهم عن ذلك .. فـجـأة .. تقابلت الابصار جميعاً فهناك شيء غريب –إن الارض تهتز- ماهذا؟ .. فنظروا جميعا للأفق فبعجاج المعارك يلوح من بعيد -انهم الأشوال- سمعت دقات القلب و تناغمت مع دقات الطبول و هتافات الجنود –انها ساعة الموت-، هرع السوطاليون و فزعوا فزعاً شديييداً، و صار التيتيات يضحكون و يشخرون و يهددون بموت الجميع، و ما كان بيد السوطاليون حيلة سوى الهرب قبل وصول الأشوال .. عندها تمالك الشيء نفسه و صعد الى المنبر و قال بأعلى صوته:” إن تقلها تــمت، و ان لم تقلها تــمت .. و ان تناضل تــمت، و ان لم تناضل تــمت .. فقلها ثم ناضل ثم مـت”!

(الفقدان – و هزيمة الأشوال)

تفاعل السوطاليون مع جملة الشيء، و ردت لهم الروح و أعادت إليهم عزيمتهم و كسروا حاجز الرعب و الخوف، فرفعوا الشيء فوق اكتافهم و هتفوا جميعا هتافا واحداً سمعه كل من في الضفتان و الجزيرة ،و سمعه الشوشوات و تيتي و حتى جوجو “الأول” في قبره…. ألا وهو (حرية .. حريــة .. حريــة)، فنبذوا التيتيات الذين كانوا حولهم و جمعوا شملهم حتى إمتلأ شارع كاموجاك بالحشود، و تحركوا صوب الاشوال لإبتغاء ما يطلبونه غير مبالين بحياتهم .. و كما هو متوقع هرب التيتيات نحو “”المَرسى”” ولم ينظروا خلفهم.
رأى قائد الاشوال الشيء و الحشد الذي معه فإغتر بنفسه و أمر بالتجهيز للقتال المباشر نسبة لقلة عددهم و شكلية أسلحتهم .. التي لم تكن سوى عِصيّ و أدوات للزراعة .. دون النظر للكماليات .. توقف الحشد على بعد 500 متر من الاشوال و صمتت الجبهتان، و هم قاب قوسين أو ادنى من القتال و إبتسامات الأشوال تظهر من على البعد ،قال الشيء مخاطباً الاشوال:”لكم الاسلحة و العتاد و لكم الدروع و الرجال الشداد .. و لنا رقابكم بما لديكم أيها الشوشوات”. و صاح السوطاليون حتى سمعها من في”” المَرسى””.
و في “”المَرسى”” وصل جوجو و السوطاليون الاوائل مدججون بالاسلحة و عزيمتهم في القتال تعلو السحاب .. ترجلوا من مراكِبهم وتحركوا نحو وسط الضفة (المعنية) و لكن بعد دخولهم لتلك الارض تلفتوا يبحثون عن جوجو ولم يجدوه !!! ..-اين ذهب ؟ لا أحد يدري- لم يبالوا كثيراً و ركضوا لينقذوا الشيء قائدين أنفسهم..

و عندما حانت ساعة القتال في ارض المعركة و همّ كل من الخصمين لمواجهة الاخر ظهر السوطاليون من الاجناب كالسيول و كانوا جمعا هائلاً .. ثلاثة حشود تندفع نحو “كتيبة” مصطفة أفقيا .. زادت حماسة الشيء و من معه من سوطاليون الضفة المعنية .. و إمتلأت أعين الاشوال بالرعب حتى تدفقت، و سقطت عنهم عباءة الشجاعة التي ألبسوها لأنفسهم بعتادهم و ذبلت إبتساماتهم و تحولت لصرخات فزع و ألم و موت تحت عصي السوطاليون، و كما وعدهم الشيء برقابهم بأسلحتهم (تم ذلك)..و كان الوطيس.

ولكن .. أين ذهب جوجو ؟؟!! .

(سقوط الأقنعة – و نهاية بطل)

إختبئ جوجو وسط الغاب بالقرب من “”المرسى”” لملاقاة احد قادة(التيتيات)!!!؟ – فجوجو ايضا لم يسلم من الخيانة، فلكل ثمنه .. و كما ذكرنا سلفاً انه ذو تخطيط إستراتيجي – لكي يدبروا موت الشيء بعد فشل كل المحاولات الدبلوماسية منها و المتطرفة، و تقليد جوجو للسلطة لكي “يشيع” أفكاره الماركوفلشية في الجزيرة ويقودها كما يشاء .. تم الاتفاق و تحرك جوجو للمعركة يحرسه التيتيات غير المعروفين بالنسبة للسوطاليون و يرتدون نفس ملابسهم .. دخل جوجو في عمق المعركة و وجد الشيء يقاتل ببسالة ،فصار”يُمثِل” القتال حتى وصل للشيء- وكان الغدر و سقطت الأقنعة – إلتفت الشيء للخلف و وقعت عيناه في عيني جوجو، فأزاح جوجو نظره ..إبتسم الشيء و سقط، و قال لجوجو:”تابع ماشئت ..وطاوع من خِفت..فالزاحف إلى الفجيعة أنت” و نظر نظرة للسماء و عندها ودّع الحياة !..
كان وقع تلك الكلمات على جوجو كالحجارة العملاقة الصماء على ظهره، حتى صرخ صرخة داوية عالية سمعها أحد الشوشوات فعلم أن هذا “جوجو ” فرماه بسهم في ظهره و سقط بالقرب من الشيء.
اندفع السوطاليين نحو الاشوال و إقتلعوا رؤوسهم عن رقابهم ولم يتركوا منهم أحداً .. مات كل من كان في الكتيبة من الشوشوات و كان النصر حليف السوطاليون جمعاً، فصاروا يهتفون ذلك الهتاف المجبب لهم ولقائدهم “الشيء” ألا وهو (أبـــدأ..أبــــدأ النضـــال..أبــدأ) و بدأو يبحثون عنه في الجمع فلم يجدوه ،حتى صرخ احدهم عندما وجده ملقىً على ظهره و ينظر للسماء .. نظر الجميع للشيء و ملأ الحزن أعينهم فحملوا الشيء فوق أكتافهم و تعالت صيحات الهتاف، التي تخرج بحتكة بالآهات و تمتزج بصوت البكاء الحاد، لم يريدوا ان يوقِفوا الهتاف و لم يوقفوه .. حملوا كل من فقدوا في ارض المعركة بما فيهم جوجو – الذي لم يعرفوا حقيقته – و ساروا بهم نحو “المرسى” ولكن قبل وصولهم إليه .. كان الشيء يشع بريقاً لم يروا له مثيلا ابداً، لا الشمس و لا الأحجار الكريمة تحت ضوء القمر .. ذهلوا تماماً من المنظر .. زاد لمعان الشيء لدرجة عدم إمكانية رؤياه و خف بدنه للذين يحملونه و تعالت مع ذلك هتافاتهم فأغمضوا اعينهم من شدة اللمعان … حتى كان السكون ..
فتحوا أعينهم ببطء و وجدوا أن الشيء قد “إختفى” .. الى العدم .. كأنه لم يكن .. لا دماً لا بدن لا (شيء) .. و لم يبقى منه سوى مواقفه و كلماته التي لطالما كانت عونا للسوطاليون.

و في الضفة الأخرى كان شوشو و تيتي بالمرصاد .. فبعد هذه الاحداث مرت الضفتان و الجزيرة بمصاعب عدة و توقفت كل سبل الحياة .. ؛ فهدؤا من شدة الوضع الثائر و صارت خطاباتهم تصوّر ان هذه مؤامرة من أعدائنا، و أكثروا من النفاق و الكذب و الكلام المعسول و المجمل، مع توزيع الهدايا و المنح و بعض الموارد المعيشية، فسكت بعض من السوطاليون نسبة لجوعهم .. و تراجع البعض الآخر لقلة عددهم فقد سمعوا ان هنالك اعتقالات و اغتيالات للمناهضين لشوشو .. و لكنهم جميعا ما زالوا ينتظرون مجيء شيء آخر .. يخرجهم من ماهم فيه .. يقودهم نحو آمالهم وأحلامهم ..
ولم يبقى إلا ان سيألو أنفسهم .. هل سيأتي هذا الشيء مرة أخرى؟ متى ؟ .. هل سيكون لهم مبتغاهم؟ ..
الآن هم يناضلون بصمت .. هم يهتفون ببسمة .. فهم لم ينسوا مقولة الشيء لهم :”ابـــدأ النــضال ابــدأ ” و من لم يبدأ النضال فليبدئه .. ومازال النضـــال مستمراً ..

فلننـــــــــــــــــاضل جميـــــــــــعا من أجــــــــــــــل شــــــــــــيء

يوليو 2014


Fatal error: Uncaught Exception: 190: Error validating application. Invalid application ID. (190) thrown in /home/clients/ed3c6347dbe4ca3a4321eb32fe384a07/arablog/wp-content/plugins/seo-facebook-comments/facebook/base_facebook.php on line 1273