كثيراً ما عُرضت علينا نماذج عن المجتمع المثالي او الإشتراكي و عن شكل الحياة فيه، و عرضت علينا اجوبة محتملة لأسئلة كثيرة .. مثلاً ..
هل ستتحقق النبؤة بغياب تملك الأفرد لأدوات الإنتاج و إعادة بناء علاقات الإنتاج؟
هل سيطرة الدولة والمجتمع على وسائل الإنتاج سيحققان العدالة الإجتماعية و يسوّغ مبررات اخلاقية و عملية لقيامها؟.. إلخ
إلا انه برغم الصورة المشوهة للنماذج-مثل قداسة الدولة والحزب و تدني مفهوم الوعي الطبقي- التي تعرض و تفترض وجوب الحدث الإشتراكي يظل هناك افتراض مهم جداً يتم التسليم به، أن إنسان تلك الفترة اما ان يكون في قمة السذاجة او متجرداً من المشاعر وهنالك قلة تحركهم العواطف والذكريات، وان كانت هي مقاربة لسوفييتات ستالين إلا انها مازالت غميسة في البروباغاندا.

عندما يكون هناك نقاش دائر وتبرز فيه نقطة ضعفك جهراً، عليك ان تحاول -بإسلوب بهلواني- تتداركها فقط غيّر من أصل المشكلة و حوّلها لطرف آخر لتنفذ بجلدك من سيطان النقد. و هذا ما تفعله الرأسمالية حين مسائلتها، فهي تحاول تجنب النقد بإستحضار أزمات عفى عنها الزمن او بمحاولة طرح مسببات فرعية لمشكلة مؤقتة، و عندما تغلق عليها كل أبواب الهروب يقال أنه يجب إصلاح الرأسمالية! .. ماذا لديها لنصلحه؟
يعتبر البعض الرأسمالية افضل نظام اقتصادي انجبه لنا التاريخ حتى الآن، او ينظر إليها بصورة أكثر علمية من جانب تطوّري (البقاء للأصلح)، ومن هذا المبدأ يقال انه وجب علينا الإندماج معها بل حتى التماهي ومسايرتها بغرض تداركها.
إلا انه أثناء ذلك لا تنفك الرأسمالية زرع العبث في أذهن (المستهلكين) و تجييشهم بقدر الإمكان تجاه البعد كل البعد عن إعادة محاولة قيام نظام اقتصادي جديد يغير من بنيتها القائمة على مبدأ (الربح مقدماً على الشعب) عبر مماحكات سياسية و جيوبوليتيكية على مستوى الدولة، و تغييبية و دعائية على مستوى الشعوب. من هنا يبرز لنا التبرير لوجودها بشكل أقوى عبر تحقيق الرفاه لقلة بدلاً عن الجميع. أليس هذا ما يناط به الإقتصاد تحقيق الوفرة و الرفاه للجميع؟ .. إذن .. ما هذا؟
عجيب أمر التغوّل الرأسمالي في البنية العقلية للناس بحيث يشمل كل جوانب حياتهم المعيشية و يأخذ كلٌ من أذهانهم و إرادتهم سواء، عن طريق ابسط مشروعات إدارة الأعمال إلى أكبر مشروع تحققه مجموعة من الدول .. و من خلال هذه السبل تكون وسائل الترفيه هي الأكثر تأثيراً، فنستحضر السيناريوهات وننساها إلا ان الرسائل المضمنة داخلها تبقى كالإيمان، و هذا الأخير هو ما يجعل تصورنا للعالم مبرراً و حقيقة.
من أكثر الأفلام التي روّجت هذه الأفكار فلسفياً و ميدانياً حتى من بعد سقوط الإتحاد السوفييتي -على سبيل المثال لا الحصر-Equilibrium, land and freedom, behind enemy line..إلخ و كذلك في الإنتاج الكتابي روايتان لقتا رواجاً كبيراً عن غيرهم من الروايات وهما الرواية التي نحب جميعاً 1984 لجورج أوريل و Lord of the Flies لويليام قولدنغ ..
كل شعور ينتاب المرء بعد قراءته او مشاهدته هذه الأعمال هي السعي للحرية و تحقيقها عبر معاداة الأنظمة الشمولية الكلاسيكية أو القائمة على حزب الرجل الواحد أو حتى التي تعارض ما يسمى بالديموقراطية الليبرالية .. و لكن أية حرية هذه، ألا أنها الحرية الإستهلاكية.
ما يسوؤني هو ان ننصهر داخل هذه البوتقة إنصهاراً كلياً مسلمين بطبيعة الحال و برغبة الفرد في الحياة زاهداً، فقط يسعى لما يعيشه و ما يحفظ مكانته الإجتماعية بين الناس. علينا حتماً ان نكون واضحين كل الوضوح تجاه خيارتنا بتحقيق واقع يحتمل. لا أقول إعادة سرديات كبرى و خطاب نفسر به العالم بل ملاذ يحمل ما يمكن من العدل.

Fatal error: Uncaught Exception: 190: Error validating application. Invalid application ID. (190) thrown in /home/clients/ed3c6347dbe4ca3a4321eb32fe384a07/arablog/wp-content/plugins/seo-facebook-comments/facebook/base_facebook.php on line 1273