يظهر حميدتي و خلفه الجنود

يظهر حميدتي و خلفه الجنود

تراجيديا جيشنا :
  أصبحت قواتنا المسلحة أو الجيش السوداني الذي أُنشئ منذ عشرينات القرن الماضي عبارة عن مؤسسات إدارية تتبع البروتوكولات العسكرية المتعارف عليها .. مع غياب تام للدوافع الأخلاقية التي تحفز سريرة المرء مثلها كالحفاظ على الوطن أو الدولة، و لم يكن هذا بالشيء غريب من بعد غياب الضبط والربط داخل الجيش؛ الذي أوجد كرد فعل للتهميش و لدونية الدعم ..خاصةً في المناطق البعيدة عن الإطار الذي يشكل الخطر (للدولة) السودانية.
  تتدنى قيمة المجند بتدني جديته في أداء عمله، و التي هي إنعكاس لدرجة ولاءه وطاعته للمؤسسة التي ينتمي إليها و التي تحمي الدولة(الجيش) .. و بما أن الفساد قد تفشى .. و حازت أقلية على غيرها الترقيات و التنصيبات لمراكز الثقل داخل المؤسسة -وذلك خوفاً من فقدان السلطة و تقاطع حتمي للمصالح -.. فقد برز إهمال الجنود و الضباط في المنافذ الأقل “صراعاً” أو أهمية و المناطق التي لا سلطان للدولة فيها(كحرس الحدود) ..
و كل هذا لفقد الوصل الدوري ما بين المسؤولين و العاملين، و لهو تدني كبير للميزانية و الحوافز المنصرفة لهم .. فما كان على الجندي إلا التكاسل .. وماكان عليه -في مناطق الشدة- إلا الهزيان و بيع الأسلحة التي غالباً ما يتم إعدامه بعدها.
و من هنا (خُلقت) ضرورة وجود قوات الدعم السريع(الجنجويد) لحسم تمرد الحركات المسلحة .. و التي بدورها (=ق.د.س) إحتلت وظيفة كتلة موجودة في الأصل .. ألا وهي (قوات الإحتياطي المركزي) .. التي أوجدت(للمشاركة) في التصدي للتمرد، و حماية المدن المحررة، و حماية المشاريع القومية و غيرها من الأعمال المدنية مع القوات النظامية .. و يكون “الرابط المشترك” في المتحرك السريع و المطاردة النشطة في ميادين الإشتباك مع الحركات المسلحة .. فبمجرد أن تمشط قوات الإحتياطي المنطقة تتقدم القوات البرية بعتادها للحفاظ عليها حائلة دون السقوط مرة أخرى في يد التمرد. و (هذا ما يجب) و لكن للواقع رأي آخر.
 * لمحة تاريخية :
كانت (ق.د.س) عبارة عن ميليشيا قبلية تحارب تحت إمرة حميدتي منذ العام 2003، بعد أن أدعى أنه تم الإستيلاء على قافلته المكونة من 3.5 ألف من الإبل و 77 من أبناء عشيرته و هذا ما دفعه للحرب، مستوطناً هو و قبيلته”الماهرية” في أراضي الفور و فارضاً حمايته عليهم ..  حتى تم اللقاء بالعام 2006 بين حميدتي و البشير في منزل الأخير! فإستعان به و شكله تحت قيادة موسى هلال زعيم المحاميد لدحر حركة العدل و المساواة بشمال دارفور تقديماً للمصالح و الثروة، و بعد نشوب الخلافات بين الماهرية و المحاميد رجحت الحكومة كفة حميدتي”يدها الضاربة” و دعمته حتى العام 2007 .. و بعد ان قلت الحوجة إليه تخلت عنه .. فتمرد و سيطر على معظم أرياف جنوب و غربي دارفور، حتى إستدعت تصرفاته الهوجاء القصف جواً من قبل الحكومة!! و إشتبك هو الآخر و أسقط 3 طائرات تابعة لسلاح الجو السوداني! .. و في أكتوبر من العام 2008 تفاوضت الحكومة معه و رجته من العودة لصفها و قد كانت شروطه المال و رتب عسكرية و نظارة أحد أعمامه! .. و لم تندرج هذه الميليشيا كقوات نظامية حتى العام 2013 حينما تم الإعلان عنها رسمياً بمسمى “قوات الدعم السريع” ..و طوال الفترة ما بين 2008 حتى 2013 مارس حميدتي و ميليشيته مساوء لا يمكن تجاوزها في إقليم دارفور، و زادوا من وتيرة التوتر القبلي .. فقط لأنهم قوات غير نظامية أعطيت لهم سلطة التصرف و كان بئس القرار و ضبابية في الرؤية.
و كم من مرة قلصت صلاحياته ولكنه يعيد و يهدد دوماً (=حميدتي) بأنه إذا لم تعطه الحكومة حقه فسيسترده حتى وإن كانت الحكومة من أخذه! و أن لا أحد يستطيع أن يقلص من صلاحياته لأن له عشيرته و إمكانياته! .. وبعد مرور 10 سنوات منذ العام 2006 فقط صار (عقيداً) بجهاز الأمن، مدرباً أفراد قبيلته و أقربائه و من يصطف معه من الشباب من دول الجوار ك(تشاد-مالي-أفريقيا الوسطى..الخ) الذين تجاوز عددهم ال10 ألف من أصل 50 ألف .. و بدعم من الحكومة تارة و من ذوي المصالح (كالقبائل والحكومات الأخرى) تارة أخرى.. و قد تم تلميعه و تقديمه للرأي العام و كأنه الحل الأول و الأخير لحسم التمرد بين مئات العقداء و العمداء و اللواءات في القوات المسلحة السودانية بشتى قياداتها!!!
فكما يبدو .. لا عقيدة تضم هذه المجموعة لمؤسسة الدولة السودانية سوى أنها جماعة مرتزقة تقتاد على حساب الشعب و لها حصانة قصوى ترفعها من المسائلة .. فالأمر في حقيقته أنه تتم (مقاولتهم) على سعر العملية العسكرية بمعدل 50,000 للمجموعة المكونة من 11 فرداً ..!!!! و في الكفة الأخرى لنضع أنفسنا صوب المقارنة .. يبرز لنا ذلك الجندي التابع للقوات المسلحة و الذي لا يتجاوز راتبه ال500 جنيهاً شهرياً.
….
ما يزيد الأسف هو السؤال عن البعد الإستراتيجي لوجود هذه القوات؟ التي لا تتبع لأي من المؤسسات العسكرية للدولة والتي تتلقى رواتبها من مكتب الرئيس مباشرةً! .. ما هي تداعيات وجودها في بعض المناطق الحضرية والريفية الخالية من النزاعات؟ .. وقد يكون الجواب واضحاً في بعض الحالات ..
فعندما دخلوا الخرطوم بالعام 2014 تم حبسهم داخل مباني جهاز الأمن خوفاً من تفلتهم المعهود الذي بان في نيالا بدارفور و نهبهم للبنوك و أيضاً بالأبيض فقد أشاعوا الفساد و الشغب حتى إحتج الأهالي لهارون .. فدفع لهم (فدية) مقابل مغادرتهم المدينة! .. و كذلك عندما مروا بسنار المدينة و سنجة ليصلوا للدمازين .. فقد أثاروا الخوف والرعب بين السكان والمواطنين ..
سخر حميدتي في خطابه بالجيش السوداني وقواته.

حميدتي في خطابه يسخر من الجيش السوداني وقواته.

 

وها هو حميدتي يحدثنا متبجحاً واقفاً وقوف الفاتحين بذلك المؤتمر الصحفي قائلاً:”اي واحد يعمل مجمجمة ياهدي النقعة الذخيزة توري وشها .. نحن الحكومة ويوم الحكومة تسوي لها جيش بعد تكلمنا”!! ..

حتى أن هذه الحلول التي تقدمها قوات الدعم السريع ليس سوى مطاردة رخيصة من منطقة لأخرى و حلول جزئية، تفتقد للدور الفاعل لقواتنا المسلحة السودانية .. التي قسمت الإنقاذ ظهرها لضمان عدم حدوث أية إنقلاب ضدها .. حتى قوش عندما حاول ذلك فقد حاول من داخل جهاز الأمن و دون ذلك لما كان لمحاولته ان تكون من الأصل، فقد نجحت الإنقاذ في تفكيك الجيش السوداني بجدارة .. دون ذكر التنكيل بالقادة المتميزين وتقديمهم للمعاش.. و تصعيد من يقدمون ولائهم للحزب و للرئيس فقط دون الولاء للشعب و للوطن و الدستور.
…..
نحن الأن بصدد وضع ذلك التمايز .. أنه دون مؤسسة الجيش السوداني الراعي للشعب و للوطن لن تقوم لنا قائمة .. فلا الدستور الدائم ولا القوانين الحازمة -بالضرورة- و لا الدولة القائمة على المصالح الوطنية ستكون .. و ها نحن هنا نعتمد على قازوحة تفتقر للأدب كأدنى حد لكي تؤمننا نحن السودانيين من خوف!. . .
أي خوف و أنتم سببه.
..
يتبع

Fatal error: Uncaught Exception: 190: Error validating application. Invalid application ID. (190) thrown in /home/clients/ed3c6347dbe4ca3a4321eb32fe384a07/arablog/wp-content/plugins/seo-facebook-comments/facebook/base_facebook.php on line 1273